عزيزي الزائر للأسف تم إغلاق المدونة , يمكنك زيارتنا على الموقع الجديد إضغط هنا

تعلمية القراءة

 بسم الله الرحمن الرحيم. "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ." صدق الله العظيم
  إنها أول  آية نزلت من الذكر الحكيم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم  حاثة أمة الإسلام على القراءة مما دفعهم على الأخذ بناصية العلوم  وبأسباب القوة التي بوأتهم منزلة عظيمة بين الأمم .

 ليست القراءة مجرد فك رموز أو تصويت  بمقاطع وكلمات أو تنغيم مناسب ، وإنما هي أشمـل من ذـلك. فالقراءة نشاط ذهني يؤدي إلى الفهم و التحليل وتبين المواقف  و اتخاذ  قرارات  وتبني سلوك  معين مــن أجل التعامل مع الوضعيات المختلفة    التي تفرضها التطورات الاجتماعية  والظواهر الثقافية .    ويذهب         FOUCAMERT  إلى  القول بأن" القراءة نشاط إدراكي يقوم بوظيفة اجتماعية " وبالتالي فهي ضرورة  ولها بعد تواصلي  مثلما تؤكد عليه   (ايفلين شارمو ) في كتابها  حول تعلم القراءة   إذ تقـــول :
" أنه يحق لنا ألا نبدي أي ميل إلى القراءة ، ولكنه لا يحق لنا أن نحجم تماما عن القراءة ".
هذا البعد التواصلي للقراءة يتخذ أبعادا متعددة :
  
 1- القراءة ضرورة اجتماعية : إن القراءة وليدة المجتمع وظاهرة مميزة ،حيث أن استعمال الوثاـئق المكتوبة في حاضرنا يسيطر على نمط حياتنا  وعلى كل جوانبها في كل نواحي المعاملات ،إلى درجة أن  الأميّ في عصرنا الحضر يجد صعوبة كبرى في تصريف شؤونه ، وهذا ما يحدو  إلى القول بأن القراءة تكسب الإنسان الاستقلالية و الحرية ، ومن هنا نفهم الدور الكبير الذي تلعبه المدرسة في تدعيم الاستقلالية لدى الفرد ،وتدريبه  على التفكير وتبني روح النقد  حتى يصبح ذلك أمرا مكتسبا في السلوك.

 2- القراءة ضرورة حضارية وثقافية  :من المعلوم أن الإرث الثقافي والحضاري للأمم لا يتــم من   جيل إلى جيل إلا عن طريق الكتابة ، والقراءة هي الوسيلة الوحيدة التي تمكننا من التعرف على هـذا
الموروث الإنساني ، متأثرين به  ومؤثرين فيه  بما يضمن تطوره  إلى جانب المحافظة عليه.، خاصة في
هذا الظرف الدقيق الذي  تمر به الأمم ،فلا مكان في عصر العولمة  لمن  لم يقرأ في عالم سريع التغيرات
مع انتشار وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة.

3  -    القراءة ضرورة مدرسية : تحظى اللغة العربية  بمنزلة مركزية في المنظومــة التربويـــة التونسية  .وتبعا لذلك فهي تعلم في كافة المراحل  تعليما يضمن حذقها و إتقانها  بما يمكن  من استعمالــها تحصيلا  وإنتاجها في مختلف مجالات المعرفة (مثلما جاء بالبرامج الرسمية) ويبرز دور القراءة باعتبــار أن نجاعة التواصل  تقتضي السيطرة على الأداة اللغوية و فهم آلياتها بما يمكن المتعلم من إتقانها و يحسن استعمالها في مختلف المقاصد العلمية والتقنية.
وبما أن القراءة على هذا النحو من الأهمية  ،فما هي الوسائل والطرائق التي يجب على المربي  توخيـــها لمساعدة المبتدئين على تعلمها ؟
للإجابة على هذا السؤال  لابد من معرفة  ما القراءة من وجهة نظر  كل من العالم  و المعلم والمتــــعلـم. 


القراءة من وجهة نظر العلماء


أجمع المختصون  على أن القراءة  عند الكهل عملية معقدة تستدعي قدرات عديدة . فهي تشغل في نفـــس الوقت  العينين و الدماغ والذكاء لأنها نشاط إدراكي يقوم أساسا بوظيفة اجتماعية.وعلى ضوء هذا التحليل السلوكي للقراءة لدى الكهل ، يمكن حصر ماهية القراءة  في ثلاث مراحل  هي  :
  • القراءة نشاط تواصلي
  • القراءة نشاط إدراكي
  • القراءة بناء للمعنى داخل النص

 أ- القراءة نشاط تواصلي :
تمثل القراءة نوعا من التواصل المؤجل ،   والقارئ في هذه الحالة لا يعدو سوى متقبل في وضعية مـــــن التواصل المؤجل حيث أن الباث وهو كاتب النص غائب  ليس في علاقة تواصلية مباشرة و ينوب عنــــه  نصه المكتوب .فعندما تقرأ كتابا لطه حسين  فأنت تتواصل معه عن طريق النص الذي يمثل قناة التواصل
   هذا الغياب للباث يشكل صعوبات لفهم الرسالة . ولحصول تواصل حقيقي بين قطبي التواصل (   الباث والمتقبل ) يجب أن تتوفر الشروط التالية :
  • وجود علاقة جدلية بين الباث والمتقبل .
  • وجود نمط مشترك بين الباث والمتقبل  :استعمال نفي اللغة أو نفس المصطلحات ....
  • انعدام المؤثرات الخارجية  (ضجيج / نوايا سيئة / عدم الوضوح ...)
  • وجود إطار مرجعي موحد (الأطباء يتواصلون جيدا عندما يتحاورون حول مرض معين)

 وبما أن الباث والمتقبل منفصلان في الزمان والمكان ، فإن التواصل لا يعتمد إلا على الرموز والمدلولات الألسنية المكتوبة ، فلا أثر للحركات وتغير النبرة وقسمات الوجه ...وهذه الرموز من شأنها أن تساعـــــد المتقبل  لرسالة شفوية على فهم الرسالة . وهذه العملية تشكل صعوبة أمام قارئ النـــــص المكــــــتوب ، وبالأخص تلميذ السنة الأولى من التعليم الأساسي.

     وبما أن القراءة هي نوع من التواصل المؤجل تنعدم فيه التغذية الراجعة ،فإن القارئ يصبح باثــــــــــا  ومتقبلا في آن واحد  مما يزيد من  صعوبة  التواصل داخل الوضعية القرائية ، مما  دعا المختصين إلـــى الحديث عن مهارات القراءة ،ذلك أن الطفل لا يتمكن من تجاوز صعوبات القراءة إلا متى ساعدناه علــــى اكتساب مهارات خاصة بالسلوك القرائي  وعودناه على ممارسة أنواع متعددة من النصوص ،حتى يتمكن من التواصل مع الآخرين .

 ب – القراءة نشاط إدراكي   
أثبتت البحوث  السيكولوجية أن  الإدراك نشاط  ذهني معقد يخضع إلى متغيرات متعددة  تستغل  فيـــــها التجارب السابقة والمعارف المكتسبة وتنشط من خلالها ملكة التصور والحكم وإبداء الرأي من أجل ضع الفرضيات المختلفة ، وصياغة الاحتمالات الممكنة لمجابهة المواقف الآنية  وبناء ما هو غير موجود انطلاقا من الشئ المدرك .   
يتبين من خلال هذه البحوث :
·          أهمية المعارف المكتسبة  في بناء المعرفة اللاحقة.
·          أهمية التجارب الشخصية للفرد في تطوير ملكة التصور وبناء الفرضيات. 
·         المعرفة الجديدة تبنى  انطلاقا من الشئ المدرك.


ج – القراءة بناء للمعنى داخل النص  
 القارئ الحقيقي فاعل ونشيط ، فهو يعيد بناء النص اعتمادا على فرضيات يتحقق من صحتها ،يقوم ببناء معنى أولي للمرسلة المكتوبة وذلك بتقديم فرضية اعتمادا  على مشروعه  القرائي  وتجربته   وتاريخـــه   والعلامات النصية. وإثر ذلك يأخذ مجموعة من المؤشرات النصية لدعم الفرضية أو دحضها. ثم تصـاغ فرضية ثانية للمعنى ويقع الرجوع  إلى النص للتثبت وهكذا ...لذلك تعتبر القراءة عمليــة نشيطة تجــعـل القارئ  فاعلا أساسيا  لأن المعنى لا يمرّر و ل ا يفرض ولا يستخرج وإنما هو موجود في منطقة وسطى بين القارئ والنص.
والقراءة من هذا المنظور تعلّم بالمشروع الذاتي المتمثل في مبرر القراءة (لماذا أقرأ ؟)

فكيف تتم عملية بناء المعنى ؟ وما هي آليات هذا المنظور ؟ 

- المشروع القرائي:    تمثل هذه المرحلة الشرارة الأولى التي تولد في التلميذ الرغبة في القراءة  وروح الفضول ،وتفجر فيه أسئلة عديدة و توقعات مختلفة حول النص تنتظم في شكل مشروع .

-المسح العيني :     وهي قراءة عشوائية للنص بأكمله ن وهو ما يقوم به الكهل عادة عندما يشتري كتابا جديدا  أو يتصفح صحيفة في عجالة بحثا عن خبر معين . والمتعلم يتعرف الكلمة من طيفــها وليس مـــن تركيب مقاطعها .فالقراءة إدراك ،والعين تمسح كامل الكلمة  ،وهذا المسح يعطي مدلولا لها.


-التوقع  :     ويأخذ شكل فرضيات يصوغها القارئ  ويتثبت من صدقها أو خطئها بالرجوع إلى النـص.
وتتمثل في ربط علاقات بين ما يدركه القارئ من رموز ومؤشرات موجودة في النص، وما يعرفه حـول الموضوع المقروء ، قصد صياغة الفرضيات التي سيستعملها لبناء المعنى داخل النص.


- القراءة الخطية للنص  : وهي قراءة تسمح للقارئ بالتثبت من الفرضيات  المطروحة فيه.

-تحقيق المشروع القرائي :   فهم النص . ولا يكون ذلك إلا عندما يتمكن القارئ من الإجابة عن الأسئلة التي تفجرت في ذهنه حول النص .


القراءة من وجهة نظر التلميذ

تتلخص هذه الوجهة في ثلاث قضايا :
         *  الرغبة في القراءة
              *   القدرة على القراءة
                    *  إتقــــان الــــــقراءة

·         الرغبة في القراءة :   تقول إيفلين شارمو :"إن الطريقة الشائعة والمتمثلة فــي  مطالبة الأطفال بفتح كتب القراءة على الصفحة كذا و بقراءة النص لا تضع الطفل في وضعية قرائـية حقيقية ولا ترغبه في القراءة أبدا ،ذلك أنه بدون مشروع قرائي لا يمكن الحديث عن وضعية قرائية ".

وتفيد الدراسات السيكولوجية أن القراءة سلوك ثقافي معقد يخدم هدف التواصل الاجتماعي ،وتبعا لـذلك فإنه لا يمكن للطفل أن يحذق هذا السلوك إلا إذا أحس بالرغبة في تعلمه ، يقول (  روسو ) في كتــــابه   إيميل :" لقد اهتم المربون كثيرا بطرائق تعليم القراءة ، ولكنهم نسوا أمرا أساسيا وهو الرغبة في التعلم
     
  " فإذا تمكنتم من خلق الرغبة في الطفل فإن الطرق تصبح ثانوية "
          

·         القدرة على القراءة  :
إذا كانت الرغبة في الــقراءة تمثل المحرك الوجداني لعـمـلية تعلـمـها من طرف الطــفل ، فإن الظـروف الفيزيولوجية  والذهنية تمثل الجانب الاقتداري لهذا التعلم ، وتختصر شروط النضج للقراءة في ثــلاث مجالات هي : النضج الفيزيولوجي ، النضج النفسي والفكري وامتلاك اللغة .

-النضج الفيزيولوجي : القراءة عملية إدراكية تعتمد على حاستي البصر والسمع ، إضافة إلى القدرة على التصويــت، وقد بينت البحوث أن العــين تمســح الســطر بكامله في نظرة عاجلة دون أن تـدرك  كـــل التفاصيل ،بل تكتفي بالتوقف في مستوى معين عند بعض الكـلمات لانتقاء الرموز الــدالة ، وإرسالـــها عبر العصب البصري إلى منطقة القراءة بالدماغ أين يقع تفسيرها  ...بناء على هذا التحليل فإنه يمكــن القول بأنه لضمان القدرة على القراءة ،وجبت سلامة كل من الجهاز البصري والجهاز العصبي وجهـاز التصويت ، وبلوغها مستوى من النضج بما يسمح لكل منهما بأداء وظائفه بشكل طبيعي  وفعال.

- النضجى النفسي الفكري:
عملية القراءة تتطلب التذكر والفهم والتحليل والتركيب وبناء الفرضيات،وهذه أنشطة ذهنية معقدة ترتبط ببلوغ الطفل عمرا معينا وبحاصل ذكاء من جهة أخرى ، وهذان عاملان يؤثران بصورة مباشرة فــــي الفروق الفردية و سرعة تعلم القراءة .


-امتلاك اللغة  : بينت الدراسات أن الطفل لا يتعلم القراءة إلا بعد سيطرته على آليات اللغة الشفوية ، ذلك أن قراءة النص المكتوب و فهمه عن طريق بناء المعنى ، لا يتأتى للطفل إلا إذا كان حاذقا   لقدر أدنى مـن اللغة الشفوية ،وأفضل دليل هو ما يعانيه تلاميذنا عند تعلم اللغة الفرنسية  وهي لغة لا يتكلمونها  .

·         إتقان القراءة :

يرتبط هذا الإتقان بالقراءة الصامتة  والسريعة التي تؤدي إلى فهم النص المقروء وبناء المعنى داخله ،
و لا ترتقي القراءة إلى مستوى الإتقان إلا إذا توفرت شروط  أهمها :

ا – القراءة الصامتة : قد يحدث أن تقرأ نصا قراءة جهرية ، ولكن إذا انتبهت إلى الأسباب الداعية إلى ذلك لاكتشفت أن هذا السلوك  يلبي طلبا تقدم  به شخص لا يملك  النص أو لا يقدر على قراءته  ، لأن هـــذه العملية تمثل تبليغا شفويا  وتمريرا لمحتوى نص  وليست نشاطا قرائيا.
ومن مظاهر القراءة الصامتة  عدم استعمال جهاز التصويت . وتتمثل في تكييف القراءة للمقام  والقدرة على استباق المعنى . فالقراءة الصامتة  من هذا المنظور هي الأصل والقراءة الجهرية استثناء.

ب-القراءة السريعة  :   أثبتت الأبحاث أنه كلما كان القارئ سريعا في قراءته، كان فهمه للنص أعمـق وتذكره أطول . وأن سرعة القراءة رهينة ثلاثة شروط  وهي :
- القدرة على التركيز : بما أن القراءة عمل ذهني  نشيط يستهدف استغلال التجارب السابقة  فإنه مـــن الضروري أن يتطلب هذا العمل من  الطفل تركيزا لفهم النص ومقارنته مع مشروعه القرائي ومــــــن خـلال ذلك يبني الفرضيات  والأحكام .
- اتساع المجال الإدراكي :   كلما كان المجال الإدراكي للعين أوسع  كلما كانت عملية القراءة أوســــع
-الحساسية البصرية : تتمثل في قدرة العين على سرعة التمييز  بين الرموز الشبيهة ببعضها كالحروف والمقاطع ، أو الكلمات المتشابهة ، وكلما  تطورت  هذه القدرة  وارتفع  نسقها ،كلما زادت سرعته فـي القراءة .






 وهي الطرائق المتداولة  في مدارسنا ، وتتمثل في الانطلاق من القراءة الشـاملة  ثم الوقوف في مرحلة متقدمة على المقاطع
اخــتـلالات القـــراءة

وهي مجموعة الصعوبات التي يواجهها الطفل أثناء عملية القراءة. تتمثل في اضطرابات اللغة والكلام،
وترتبط أصلا بصعوبات التعليم المتصلة بنشاط معين :
وهؤلاء الأطفال لا يشكون من إعاقات عضوية أو ذهنية وإنما يشكون من اضطرابات أخرى أهمها :

* اضطرابات التلفظ  : وهو اضطراب النطق الصحيح : trouble de l'articulation
* تأخر الكلام  :  retard de la parole
*اضطراب اكتساب اللغة :dysphasie   وهو قصور في إدراك معاني الكلمات والاستخدام الصحيح للكلمات.
*صعوبة القراءة :  dyslexie  وهو الخلط بين الأحرف المتشابهة في الرسم  .
*اختلال الإملاء :   dysorthographie  أخطاء في رسم الكلمات .
* التأتأة  والتمتمة : bégaiement   يزداد أثناء التوتر  والانفعال.                      

مفهوم التربية لغةً واصطلاحاً


التربية لغةً: التربية اسم مشتق من الربّ.

" الربّ: يطلق في اللغة على المالك والسيد والمُدِّبر والمُربيِّ والقيِّم والمُنعم. ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى، وإذا أُطلق على غيره فيقال: رَبُّ كذا.

ويُقال: رَبَّه يُربِّه: أي كان له رَبّاً. وفيه [ألك نعمةٌ تُربيها] إي: تحفظها، وتُراعيها وتُربيِّها كما يُربي الرجل ولده. يُقال: رَبَّ فُلان ولده يَرُبُّه رَبَّاً ورَبَّتَه ورَبَّاه كله بمعنى واحد.

والرباني هو: منسوب إلى الربّ بزيادة الألف والنون للمبالغة، وقيل هو من الرًّب بمعنى التربية.

وقيل للعلماء: ربانيون؛ لأنهم يربُّون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها.

والرَّبَّانيُّ: العَالمُ الراسخُ في العلمِ والدِّين. أو الذي يطلبُ بعلمه وجه الله [1].

والربوبية التي لله شاملة لكافة المجالات التي يكون بها المؤمن مؤمناً يترقى في الإيمان، ليكون من المخلصين الصدِّيقين المجاهدين في سبيل إعلاء دينه وكلمته، وغاية الربوبية تعليمية، تربوية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية، فكرية، عقلية، نفسية، روحية، تتوخى إصلاح البدن، والقلب، والنفس والروح، والبيت، والشارع، والمصنع، والحقل، والمجتمع، والدولة، والعالم بأسره، ويتهيأ بها الإنسان ليكون جديراً بخلافة الله في الأرض. واسم الربِّ فيه تربية الخُلُق، فهو مُربِّي نفوسِ العابدين بالتأييد، ومربّي قلوب الطالبين بالتسديد، ومربِّي الأبدانِ بوجود النعم، ومربِّي الأرواح بشهودِ الكَرم "[2]

وتستعمل كلمة التربية بمعنى التهذيب وعلو المنزلة، وقد ذكر ذلك الزمخشريُّ، فقال: " ومن المجاز: فلان في رَبَاوة قومه: في أشرفهم"[3].

التربية اصطلاحاً:
" يختلف تعريف التربية اصطلاحاً باختلاف المنطلقات الفلسفية، التي تسلكها الجماعات الإنسانية في تدريب أجيالها، وإرساء قِيمِها ومعتقداتها، وباختلاف الآراء حول مفهوم العملية التربوية وطرقها ووسائلها " [4].

فقد ورد في تعريف التربية تعاريف متعددة منها:
• التربية: إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام.[5]

 التربية تعني: " تغذية الجسم وتربيته بما يحتاج إليه من مأكل ومشرب ليشّب قوياً معافى قادراً على مواجهة تكاليف الحياة ومشقاتها. فتغذية الإنسان والوصول به إلى حد الكمال هو معنى التربية، ويقصد بهذا المفهوم كلّ ما يُغذي في الإنسان جسماً وعقلاً وروحاً وإحساساً ووجداناً وعاطفة "[6].

• " والتربية: تعني الرعاية والعناية في مراحل العمر الأدنى، سواء كانت هذه العناية موجهة إلى الجانب الجسمي أم موجهة إلى الجانب الخُلقي الذي يتمثل في إكساب الطفل أساسيات قواعد السلوك ومعايير الجماعة التي ينتمي إليها"[7].

 " والتربية: الزيادة والنماء. وذلك حين يتزوَّد الطفل بأنواع المعرفة، وألوان الثقافة، فيتغذَّى عقله، وتكبر مدركاته، فيزكو ويسمو. علاوةً على نماء جسمه، بسبب تغذيته ورعايته صحيّاً، وتأمين ما يحتاج إليه من مأكل ومشرب؛ ليترعرع بعافية جيدة، ويشّب عن الطوق بقوة، فيتحمَّل تكاليف الحياة، وتبعاتها، وقد تربىَّ جسمه، ونما عقله، وصفت نفسه، وزكت روحُه.

 ومن معاني التربية: الإصلاح والتهذيب، حيث تُبذل جهودٌ كبيرة ومستمرة لرعاية الطفل، وإصلاح أحواله، وعدم إهماله، بدءاً من الأسرة، مروراً بالمدرسة، ودور العلم، ووعظ العلماء، وقراءة الكتب، وسماع البرامج الهادفة... وهذا وغيره يساعد في إصلاح الطفل، وإثراء نفسه بالعلم المفيد، والنهج السديد، إذ يرتبط طلب العلم بمناهج التربية، مما يعطي الأطفال مع مرور الوقت خبرات ومهارات وتوجيهات، تساعدهم على تحقيق أهدافهم في الحياة، فللتربية دورها الرائد، وأثرها العميق في توجيه ميول الطفل، وربطه بالأخلاق الحميدة، والعلاقات الإنسانية الراقية، وكبح جماح الشهوات، ورفع القوى نحو الخير والصواب"[8].

أما المقصود بالتربية الأسرية: " فتعني رفع درجة وعي الفرد من مختلف الأعمار بشتى الظروف والملابسات والنواحي المختلفة المرتبطة بحياة الأسرة من الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والنفسية، بغية تحقيق السعادة والاستقرار للأسرة والمجتمع "[9].

" لا بد من أن ترتبط التربية بمفهوم التدريج، وذلك أن التثقيف يخضع لمراحل عديدة، وكميات متباينة من المعلومات، وكل مرحلة يمرُّ بها الطفل تحتاج إلى رعايةٍ خاصة، ومعرفة بقدرات الطفل، ومدى استيعابه للعلم والتربية، فهذا يتطلب دقة في التنظيم، والضوابط، والمهارات في تلقين الطفل ما يحتاج إليه، وجعله عنصراً فاعلاً لا منفعلاً، وذلك بإثارة تفكيره، والعناية بروحه، وتحقيق حاجاته العلمية والنفسية وغيرها "

تعريف التربية: هناك عدة تعاريف للتربية ومن هذه التعاريف ما يعرف به اللُغَويُّون في معاجمهم للفظة التربية بأنها: (إنشاءُ الشيءِ حالاً فحالاً إلى حَدِّ التمام ) و(ربُّ الولدِ [[ربّاً]] : وليُّه وتَعَهُّدُهُ بما يُغذِّيه ويُنمِّيه ويُؤدِّبه…) . أما التعريف الاصطلاحي للتربية: فإنه مجموعة من العمليات يستطيع بها المجتمع أن ينقل معارفه وأهدافه المكتسبة ليحافظ على بقائه، وهي أيضاًَ تعني في نفس الوقت التجديد المستمر لهذا التراث وللأفراد الذين يحملونه. فمن هنا فهي عملية نمو ليست لها أية غالة إلا للمزيد من النمو، فعي تعتبر الحياة نفسها بنموها وتجددها. وهذه بعض التعريفات للتربية لبعض العماء نذكر منهم: فمن هنان يعتقد Herbart بـأن ما يقصد بعلم التربية هو "علم يهدف إلى تكوين الفرد من أجل ذاته، وبأن توقظ فيه ميوله الكثيرة " ويرى Durkheim التربية أن فيها " تكوين الأفراد تكويناً اجتماعياً " ويرى الفيلسوف النفعي J. Mill بأن التربية هي"التي تجعل من الفرد أداة سعادة لنفسه ولغيره". أما John Dewey فيرى أنَّ التربية " تعني مجموعة العمليات التي يستطيع بها مجتمع أو زمرة اجتماعية ، أن ينقلا سلطاتهما وأهدافهما المكتسبة بغية تأمين وجودها الخاص ونموهما المستمر . فهي باختصار" تنظيم مستمر للخبرة ". أهداف التربية كان الأهل يربون الناشئة على ما كان عليه الراشدون، وكان الأطفال يتعلمون ما إن ينتظر القيام به حين يصبحون راشدين. كما تعتبر التربية كإعداد للمواطن الصالح : فقد كانت أهداف التربية في الدول السابقة هي إعداد الفرد لذاته وتنمية الصفات المطلوبة والمرغوبة ومن هنا فإن التربية كإعداد يحقق الأغراض الدينية : إن ارفع العلوم حتما هو معرفة الله وصفاته، ولكن العلوم لم تقيد بهذا الحد. والتربية الاسلامية (وهي جزء من التربية الدينية): التربية الاسلامية هي عملية بناء الانسان وتوجيهه لاعداد شخصية وفق منهج الاسلام وأهدافه في الحياة. والنزعة الإنسانية في التربية : إن التربية الكاملة هي تلك التي تمن الرجل من أن يقوم بكل الواجبات الخاصة والعامة، وقت السلم وزمن الحرب بكل حذاقة واعتزاز. والمعرفة وطريقة البحث كهدف أعلى للتربية : بدا توسع العلوم واضحا منذ مطلع القرن السابع عشر، وكان من نتائجه وقوف الفكر الإنساني أمام هذا الاتساع وقفة حائرة تتمثل في كيفية الاحاطة الكاملة بهذه المعارف، وإيجاد طريقة كوسيلة لازمة للوصول إلى المعرفة التنشئة الاجتماعية: وتعتبر التنشئة الاجتماعية تبدأ من البيت بواسطة الأسرة حيث في جيل الرضاعة والحضانة المبكرة هي الوكيل الوحيد قبل أن تنتقل وكالتها إلى المربية في الروضة والى المربية والمعلمة في المدرسة. حيث تصبح المعلمة هي وكيلة أساسية في عملية تنشئة الطفل الاجتماعية. وعلى كل فإن التنشئة الاجتماعية الأسرية هي القاعدة الأساسية لتنشئة الطفل وكيفما يتم التعامل معه في البيت في مراحل نموه الأولى هكذا ينشأ ويترعرع ويصبح من الصعب تغيير سلوكه إنما يكون هناك حالات تعديل سلوك، وبما أن الوظيفة الأساسية للأسرة هي تنشئة أطفالهم تنشئة اجتماعية فإن الأسرة على عاتقها عمل صعب وشاق وخاصة في توفير الأمن والطمأنينة للطفل، ورعايته في جوٍّ من الحنان والاستقرار والمحبة، إذ يعتبر ذلك من الشروط الأساسية التي يحتاج إليها الطفل كي يتمتع بشخصية متوازنة، قادرة على الإنتاج والعطاء، وكذلك تعليم الطفل على المبادئ الأساسية لثقافة الجماعة ولغتها وقيمها وتقاليدها ومعتقداتها. وهذا كفيلٌ بتهيئة الطفل للدخول في الحياة الاجتماعيَّة من بابها الواسع،ويمكِّنه من السلوك بطريقة متوافقة مع الجماعة، والتكيف مع الوسط الذي يعيش فيه. وهناك الكثير من البحوث المختلفة التي أجريت، والتي تشير إلى أهميَّة الشعور بالاطمئنان في المراحل المبكِّرة من حياة الطفل، ليستطيع الوقوف في مواجهة المثبِّطات والسلبيات في مراحل لاحقة من العمر. فالتعامل مع الطفل بإيجابية ومحبة ، واحترام فرديته ، يساهم في تفتح شخصيته، وتنمية قدراته الإبداعيَّة ، وهذا موكولٌ بالأسرة التي تستطيع أن تهيئ له فرصة التعبير عن أفكارٍ جديدةٍ وإيجابية، وتوفر له فرص القراءة والمناقشة وطرح الأسئلة. ...

جميع الحقوق محفوظة لمدونة التربية الحديثة 2014